مدخل القصرية

مدخل القصرية
مدخل القصرية

الثلاثاء، 2 نوفمبر 2010

هابرماس ونظرية الاتصال


يعتبر يورغن هابرماس (مواليد 1929م) من أبرز الفلاسفة الألمان المعاصرين، كما يعتبر وريثاً لمدرسة فرانكفورت (ماكس هوركهايمر، ثيودور أدورنو، هربرت ماركيوز، وآخرون). تركز أعماله بالدرجة الأولى على عملية نشوء وتحول (الرأي العام)، بجانب كيفيات وإشكاليات تكوين الأفكار، وفي المحصلة كيفية تخلق (الحوار العقلاني) في المجتمعات الحديثة المتقدمة. من جهة أخرى يمكن قراءة أعمال هابرماس باعتبارها محاولة لتطوير منهج توليفي في الماركسية أو (النيوماركسية) المعاصرة يستقي من مصادر متعددة.
كان هابرماس تلميذاً لكل من ثيودور أدورنو وماكس هوركهايمر، فهو من الجيل الثاني في مدرسة فرانكفورت، لكنه يفارقهما بقطيعته مع الموقف الفلسفي المضاد للتراث الغربي والمضاد للعقلانية الغربية الذي انتهجه الأولون من مدرسة فرانكفورت متخذاً موقفاً بنائياً في تقييمه النقدي للمؤسسات والعقلانية الغربية. في مؤلفه الأساسي (نظرية الفعل الاتصالي) يجادل هابرماس منظري العقلانية وعلماء الاجتماع الكبار بمواجهته الفكرة التقليدية القائلة بالعقل الموضوعي الادراكي

 الأداتي (الوظيفي) بمقدرات عقلانية أخرى تقوم بمهام ذاتية وبين – ذاتية في النسيج الخصب للتفاعل الاجتماعي، ومنها يخلص إلى تطوير مجال نظري جديد تحت مفهوم (أخلاقيات الخطاب). في مباحثه حول أعمال كارل ماركس يشدد هابرماس على جانب (الأنسنة)، وينطلق منه للاشتغال بالشد والجذب الهيغلي بين النظرية والتطبيق في الفلسفة، مع الدفاع الأكيد عن التصور الكانطي للعقلانية في وجه التفكيك الناقد لمفكري ما بعد الحداثة. لذا تأتي الإشارة إلى هابرماس عادة في سياق النقاش المستعر حول أطروحات ما بعد الحداثة وذلك بالاقتران مع فوكو وليوتار وغادامر، لكن النقاش يبدو في أحيان كثيرة إعادة صياغة وتجديد للمقارعة بين كانط وهيغل، حيث يتخذ هابرماس جانب عقلانية كانط بالتزامه الواثق نحو تراث العقلانية والأخلاق، وفي مركز هذا المشروع مفاهيم كانط حول (العقلانية) و(المشروعية الكونية). وبذا يحاول العودة بماركس إلى ما يعتبره استراتيجية الأخير (الأصيلة) عن طريق إعادة بناء مفهومي كانظ المركزيين وتنقية التراث النقدي من (الصفوية).
من هنا يأتي انشغال هابرماس باعادة الاعتبار لأعمال اجتماعية فلسفية طالها نقد مبرح: ماكس فيبر، فيلهلم ديلثي، جورج لوكاش، سيغموند فرويد، ومن المعاصرين جان بياجيه، وشتيفن تولمين. على هذا الأساس عادة ما يصدر النقد الروتيني لأعمال هابرماس من جهة مفكري ما بعد الحداثة، وما بعد البنيوية، وكذلك الحركة الأنثوية. ولعل أقسى حكم صدر ضده كان حكم إدوارد سعيد الذي اعتبر هابرماس ناطقاً باسم الموقف الفلسفي المعارض للسياسة، أو المتجاوز لها بمعنى الحياد.
أوضح هابرماس في عمله المبكر (التحول الهيكلي في المجال العام) أن التصور البرجوازي للديموقراطية ما هو إلا ترجمة لعلاقات البيع والشراء في عالم السياسة، شارحاً أنه، كما في السوق، تنشأ بالضرورة تحت هذه الشروط احتكارات للرأي تحت سيطرة الفئات المهيمنة. في مؤلفه (المعرفة والمنفعة البشرية) ميز هابرماس بين المنافع التقنية التي تدفع البحث الامبريقي التحليلي، وبين المنافع العملية التي تدفع العلوم الانسانية والتي اعتبرها مناط (العقل الاتصالي)، كما فرز مجالاً ثالثاً لمنافع التحرير التي تدفع البحث الفلسفي المختص بكشف ميكانيزمات عرقلة تكون (الإجماع) المضاد أو المعارض بواسطة قوى مختلفة اجتماعية كانت أم نفسية.
 هابرماس نفسه يعتبر أن انجازه الفكري الأساسي هو تطوير مفهوم ونظرية (العقل الاتصالي) التي تتميز عن التراث العقلاني الأوروبي بموضعة العقلانية في هيكل الاتصال اللغوي بين الأفراد، وليس في هيكل كوني الفاعل فيه هو الإنسان العارف. بهذه القراءة يحسب هابرماس نفسه في صف تراث كانط والتنوير الأوروبي عموماً، وعلى مستوى آخر في صف الاشتراكية الديموقراطية، إذا جاز التعبير، وذلك بتركيزه على إمكانية (تحول) العالم والوصول إلى مجتمع أكثر انسانية وعدلاً ومساواة عبر تحقيق الإمكانيات العقلانية للبشرية.
هابرماس والمجال العام
أكثر بحوث هابرماس اكتمالاً في شأن المجال العام هي مؤلفه (التحول الهيكلي في المجال العام)، كما يعود إيماءاً إلى ذات النقاش في الجزء الثاني من (نظرية الفعل الاتصالي). يميز هابرماس بين ما يدعوه (العالم الحياتي) وبين (النظام). مع أن هذا التمييز يمكن مقارنته بالتقابل بين (المجال الخاص) و(المجال العام) إلا أنهما لا يتماثلان. من جهة يخضع العقل في العالم الحديث لجملة إملاءات تقوم بوظيفتها بحسب عقلانية الغاية والوسيلة، ومثال ذلك النموذجي السوق. ومن جهة أخرى تخضع الأفعال البشرية لإملاء القيم والمثل التي يتم تمريرها عبر الاتصال البشري ويتم تبنيها اجتماعياً لتشكل نسيج العالم الحياتي.


هابرماس ونظرية الاتصال
مساهمة هابرماس الأبرز في (نظرية الاتصال) هي تطوير الجهاز النظري التفصيلي الذي جاء وصفه في الجزء الثاني من (نظرية الفعل الاتصالي). تشغل (القوة) موقعاً مفتاحياً في تصور هابرماس للعقل الاتصالي، وبالاستناد إلى ذلك يحاول مقاربة القضايا التالية: مفهوم ذو معنى للعقل الاتصالي؛ مفهوم للنظام الاجتماعي؛ نظرية ملائمة للعقلانية؛ تشخيص المجتمع الحاضر. يعرف هابرماس (العقل الاتصالي) بأنه عملية دائرية للفاعل فيها دوران: الفاعل المدشن المتحكم في مواقفه عبر فعالية هو عنها مسؤول؛ والمفعول به المتأثر بالإزاحات من حوله باعتباره نتاج مجموعات ينتمي إليها ويتوقف تماسكها الاجتماعي على خاصة التضامن الجمعي، وباعتباره خاضع لعمليات الإدماج الاجتماعي التي من خلالها نشأ وفيها ترعرع. ولعل ما ينتهي إليه المبحث هو وجود لحظة (عقلانية اتصالية) غير قابلة للاهلاك في صلب التشكيل الاجتماعي لحياة الإنسان(1).
 ومن خلال اطلاعي على عدة صفحات عبر موقع الجوجل لنظرية الفعل الاتصالي أجد ان مفهوم هذه النظرية انبثق عودة كل الاشياء الى العقل خلال التمحيص والادراك المنطقي وتأثرهابرماس بالفلاسفة افلاطون وأرسطو (صاحب نظرية العقل) وكانط الذي يعتمد الاشياء سواء كانت فنية أو غيرها يعود الى العقل . وتأثر بمدرسة فرانكفورت الى ان جاء بنظرية (الفعل الاتصالي) وهي جزء من نظرية (عقل الاتصال) والتي وضعها على اساس كل شئ يعتمد على العقل ومن خلال العقل يتم الحكم على الاشياء.
مراجع وهوامش
(1)          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق