مدخل القصرية

مدخل القصرية
مدخل القصرية

الجمعة، 10 ديسمبر 2010

أبي ينسى



أبي ينسى
لقد ظهرت هذه القصة أولا على شكل مقال في مجلة ((بيبولزهوم)) ثم نشرتها ملخصة مجلة (( ريدرزدايجست)) هى إحدى القطع القصيرة التي كتبت في لحظة شعور مخلص وهى تدق على وتر حساس لدى الكثير.
أبي ينسى : بقلم وليفيغستون لاوند
أسمع يابني: أقول لك هذا الكلام الأن وأنت تنام في فراشك وقد وضعت كفك تحت خدك وخصل شعرك تلامس جبهتك الندية ،لقد تسللت إلى غرفتك بهدوء كي لاأوقظك ، فقد كنت جالسا في مكتبي قبل قليل ، أقراء صحيفتي حين دهمني النعاس فأتيت إلى سريرك وبداخلي شعور بالذنب .سأقول لك ما أفكر فيه يابني:
لقد كنت جافيا اليوم معك فنهرتك وأنت ترتدي ملابسك للذهاب إلى المدرسة ،لإنك مسحت وجهك بمنشفة مبللة بدل أن تغسل وجهك ، وعاقبتك  لأنك لم تنظف حذائك ، وصرخت في وجهك عندما رإيتك ترمي بأغراضك إلى الأرض .
وعندما كنت تتناول طعامك، وجدت لك أخطاء أيضا ،فقد أرقت الحساء وأزدرت الطعام ولم تمضغه جيدا، ووضعت منكبيك على الطاولة .
عندما كنت تستعد للعب وأنا أستعد لأستقل القطار لوحت بيدك قائلا :  ( إلى اللقاء ياأبي ) فعبست وقلت لك ( أرفع كتفيك إلى الوراء) وعندما عدت من عملي بعد الظهر ،كنت تلعب بالكلل على الأرض وقد تقبت جواربك ، فأهنتك أمام زملائك ، وأمرتك بالسير أمامي إلى المنزل وقلت :إن جواربك غالية الثمن ،ويجب أن تحافظ عليها.
هل تتصوركل ذلك يصدر من أب.
هل تذكر عندما كنت أقراء في مكتبي ، فدخلت وجلا وفي عينيك نظرة أسى ،فنظرت إليك من خلف الصحيفة بصبر نافذ ، لأنك قاطعت قراءتي فترددت في الدخول ، قلت بحدة :ماذا تريد .
لم تقل شيئا ساعتها ، بل اندفعت نحوي وعانقتني وقبلتني بحنان أودعه الله في قلبك الصغير ولم يذوبه إهمالي ، ثم خرجت كما دخلت بسرعة ،ودخلت غرفتك.
وعندما كنت اقراء الصحيفة ،قبل قليل وانزلقت من يدي إنتابني خوف رهيب ، ماذا أفعل عند عادة الانتقاد وملاحقة الأخطاء والتأنيب بي؟
كنت أتوقع من الكثير ،لكنني كنت أقيس تصرفاتك بمقياس سني وعمري أنا. إن في طبعك ياصغيري ميزات جيدة ولطيفة وصادقة ،وقلبك كبير وأبيض كالفجر الطالع، فينسى تأنيبي وأنتقادي ،وقد ظهر بوضوح عندما اندفعت بعفوية لتقبلني قبلة المساء .
لاشئ يهم الليلة يابني ، لقد جئت إلى سريرك الآن في الظلام وها أنذا أركع بجانبك وأنا خجل من تصرفاتي .
إن هذا تكفير ضعيف ،وأنا أعلم أنك لو كنت يقظا ما فهمت ما أقوله لك ، لكني أعدك بأن أكون منذ الغد أبا حقيقيا ،ورقيقا حميما لك ، يتألم لألمك ويفرح لفرحك ويضحك لضحك، وسأعض على لساني عندما تنطلق منه كلمات نفاذ الصبر ،وسأردد هذه الكلمات وكأنها في صلاة : هو ليس إلا طفلا ، أنه صغير.
لقد نظرت إليك في السابق كرجل لأنني أحلم أنك كذلك ،لكنني الآن عندما أنظر إليك في سريرك أجدك مازلت طفلا صغيرا ، بالأمس كنت بين ذراعي أمك تحملك ورأسك يتكي على رأسها وأنا قد طلبت منك الكثير ، أكثر مما يمكنك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق